عندما ضرب الإعصار «إيدا» ولاية لويزيانا، اقتلعت الرياح القوية أسقف عشرات آلاف المنازل. الآن، تأمل إدارة جو بايدن أنه يمكن لإصلاح بسيط أن ينقذ المنازل في تلك الولاية - وفي أماكن أخرى في أرجاء البلاد - من مصير مماثل. في محاولة لجعل المباني أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وأكثر مرونة في مواجهة الطقس القاسي، منحت الإدارة مساعدات قيمتها 90 مليون دولار لمساعدة المدن والولايات والقبائل والمنظمات على تطبيق قواعد أقوى على البناء الجديد والمباني التي يجري تجديدها.

يأتي التمويل المقرر بموجب قانون للبنية التحتية الذي أقره الحزبان في 2021، في وقت تترنح فيه البلاد بسبب سلسلة من الكوارث أججها التغير المناخي. ففي شمال شرق البلاد، جلبت عواصف قوية أمطاراً في ولاية فيرمونت تعادل أمطار مستمرة لأكثر من شهرين، لتسبب فيضانات كارثية، بينما من المنتظر أن يعاني 54 مليون نسمة في جنوب الولايات المتحدة درجات حرارة مرتفعة تتجاوز 100 درجة فهرنهايتية هذا الأسبوع.

وستقوم وزارة الطاقة الأميركية بتوزيع المنح على 27 مشروعا في 26 ولاية وفي مقاطعة كولومبيا. وأعلنت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر جرانهولم هذا التمويل أثناء زيارة لولاية لويزيانا التي ضربها الإعصار كاترينا في عام 2005، ودمر أو ألحق أضراراً بأكثر من 800 ألف منزل وتسبب في خسائر تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 125 مليار دولار. دفع الإعصار كاترينا، والإعصار «إيدا» من بعده، مسؤولي الولاية للتحرك.

في العام الماضي، أقر مجلس قانون البناء الموحد في لويزيانا بعض قوانين البناء الأقوى في جنوب شرق الولايات المتحدة حسبما أفاد نشطاء بيئيون. وسيحصل تحالف كفاءة الطاقة في جنوب شرق الولايات المتحدة، وهي جماعة تشجع الكفاءة في استخدام الطاقة في المنطقة، على ثلاث منح قيمتها الإجمالية 4.7 مليون دولار للمساعدة في تنفيذ هذه القوانين.

وأوضح ميتش لاندريو، مستشار بايدن، والمشرف على تنفيذ مشاريع البنية التحتية في مقابلة يوم الثلاثاء في البيت الأبيض أنه «إذا لم تكن قوانين البناء مناسبة، فإن الطريقة التي يبني بها الناس وما يقومون ببنائه، يؤدي بالفعل إلى نتائج سيئة عندما تحدث أمور سيئة»، مشيراً إلى أن هذه الأمور السيئة قد تكون المياه أو الفيضانات أو الحريق أو أي شيء من هذا القبيل. وأضاف «لاندريو» الذي شغل منصب عمدة «نيوأورلينز» في الفترة بين عامي 2010 و2018، وساعد على بدء تعافي المدينة من آثار الإعصار كاترينا، أن «هذه محاولة الرئيس التي تقر بأننا لن نبنى كما كنا نبني من قبل، وإنما ستعيد البناء بشكل أفضل».

ووفقاً للبيت الأبيض، فإن قوانين الطاقة المعدلة يمكن أن توفر للأسر ما معدله 162 دولاراً سنوياً من فواتير المرافق. لكن ما يقرب من ولايتين من كل ثلاث ولايات أميركية لم يطبق أحدث قوانين المجلس الدولي للقوانين، وهو تحالف خاص من الحكومات المحلية والجماعات العاملة في الصناعة. فولاية إيداهو على سبيل المثال لم تحدث قوانينها لما يقرب من 20 عاماً. ويعكس الإعلان القيود السياسية التي تواجهها إدارة بايدن. إذ يجري تطبيق قوانين البناء على مستوى الولايات وعلى المستويات المحلية، لذلك فإن الحكومة الاتحادية مقيدة فيما تستطيع أن تطالب به.

ومن المستبعد أن يفرض الكونجرس أي اشتراطات قومية جديدة في ظل سيطرة «الجمهوريين» على مجلس النواب. وهذه القيود دفعت بايدن إلى اللجوء إلى الحوافز بدلاً من الإكراه عندما يتعلق الأمر بقوانين البناء والعمل المناخي على نطاق أوسع. وتتطلع الإدارة إلى تشجيع مزيد من الولايات والمجالس البلدية على التحرك بالتلويح بمليارات الدولارات من خلال قانون البنية التحتية وقانون تقليص التضخم. أشار علي زيدي، مستشار البيت الأبيض لشؤون المناخ الوطنية في مقابلة مشتركة مع «لاندريو» إلى أن «الإدارة عندما تقوم بتوفير البيانات والأدوات وبأن تصبح شريكة على المستوى الاتحادي، من شأنها أن يدفع كل هذه الولايات واللاعبين المحليين على التحرك في الاتجاه الصحيح».

والتأثير على المناخ قد يكون كبيراً. فوفقاً لوزارة الطاقة، فإن 130 مليون مبنى تجاري وسكني في الولايات المتحدة مسؤولة عن حوالي 35 بالمئة من انبعاثات البلاد من الكربون.

وتقدر الوزارة أن من المقرر أن تخفض قوانين طاقة البناء المحدثة انبعاثات الكربون بنحو 900 مليون طن في الفترة بين 2010 و2040، وهو ما يعادل تقريبا الانبعاثات السنوية من 108 ملايين منزل. والمنحة الأكبر وقدرها 9.6 مليون دولار ستقدم لـ«المجلس الأميركي للاقتصاد الموفر للطاقة»، وهي جماعة غير هادفة للربح مقرها واشنطن تعتزم العمل مع الولايات والمجالس البلدية بموجب قوانين محدثة في مجال الطاقة.

وستحصل إدارة الحماية البيئية في ولاية بنسلفانيا على ثلاثة ملايين دولار لتدريب طلبة المدارس الفنية العليا وكليات المجتمع على قوانين الطاقة وعلوم البناء. وفي لويزيانا، أفادت ماجي كيلي ريجينس، مديرة مشروع بيئة المباني التابع لتحالف كفاءة الطاقة، أن التحالف سيستخدم التمويل لتدريب بناة المنازل والمقاولين ومسؤولي قوانين البناء على تطبيق قوانين الدولة الجديدة «بأسرع ما يمكن». عبر الاتحاد الوطني لبناة المنازل، وهو واحد من أكبر جماعات الضغط في واشنطن، عن مخاوف بخصوص مسعى إدارة بايدن لتحديث قوانين البناء، مشيراً إلى أنه قد يزيد التكلفة.

لكن اتحاد بناة المنازل في لويزيانا مؤيد قوي لقوانين البناء الجديدة، مشيراً إلى أنها ستساعد على إغراء شركات التأمين على العودة للولاية. وأشهر ما لا يقل عن تسع شركات تأمين في لويزيانا إفلاسها في أعقاب ثلاث عواصف كبيرة في 2020. وانسحب ما لا يقل عن 12 شركة تأمين أخرى. واضطر نحو 120 ألف أسرة لشراء التأمين من شركة تأمين تديرها الولاية. لكنهم وجدوا زيادة بنسبة 63 بالمئة في الأقساط، مما دفع المجلس التشريعي للولاية لعقد جلسة خاصة في مطلع العام لمعالجة الأزمة.

*كاتبة متخصصة في شؤون البيئة والتغير المناخي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»